الكتب الأكثر مبيعاً أحياناً تكون خادعة.. نادي الخامسة صباحاً كمثال

لطالما كان حلم الاستيقاظ مبكراً يراودني منذ طفولتي.. فكرة أن تستيقظ وتبدأ يومك وربما تنتهي من جميع أعمالك بينما الآخرون يغطّون في نوم عميق لطالما كانت فكرة مُغرية. من أجل ذلك حاولتُ بشتّى الطرق بناء عادة الاستيقاظ مبكراً فبدأتُ في البحث في جوجل ويوتيوب، قرأتُ مقالات ودراسات وإحصائيات ونصائح عدّة حتى أستطيع بناء هذه العادة، لكن رغم كل ذلك لم أنجح بشكل كامل. ما زلتُ أحاول. أقرأ كل ما تقع عليه يدي بخصوص هذه العادة ومن بين ما قرأتُ مؤخراً كتاب نادي الخامسة صباحاً للكاتب روبين شارما.

سمعتُ عن هذا الكتاب الكثير والكثير من عبارات الثناء والمدح وكيف أنه أثّر بشكل مذهل في حياة كل من قرأوه بل أدرجه بعضهم في قائمة الكتب التي يجب أن تقرأها قبل أن تموت (بعد عمر طويل بالطبع). فقررتُ أن أشتري الكتاب ربما ينجح فعلاً في مساعدتي على اكتساب عادة الاستيقاظ مبكراً.

أسلوب سطحي واقتباسات بالمجان!

ما إن بدأتُ بقراءة أول 20 صفحة حتى صُعقت وحقيقة لم يسبق أن انخدعتُ في كتاب أكثر من انخداعي في هذا الكتاب وخاصة بعد الضجة التي أثارها وكثرة الحديث عنه وكيف أنه بيع منه 15 مليون نسخة!

الكتاب مبني على فكرة روائية سخيفة للغاية، امرأة لديها شركة كبيرة تواجه فيها عدة مشاكل وتشعر باليأس فتذهب لمحاضرة “تنمية بشرية” لواحد من أشهر المتحدثين في العالم، وهناك تتعرف على فنان رسّام يعاني من بعض المشاكل أيضاً، يقتحم جلستهم رجل غريب الأطوار تبدو عليه أمارات الفقر وسوء المنظر ونكتشف أنه معلّم ورجل أعمال ولديه كل متع الحياة لكنه لا يحب المظاهر ويقرر أن يأخذهم في رحلة ستغيّر طريقة تفكيرهما وحياتهما.

أسلوب الكتابة حقيقة لا أجد ما أصفه به، ركيك لدرجة لم أكن أتخيلها، سطحي لدرجة أن الكاتب روبن شارما لو كان تعمّد إفشال هذا الكتاب لما كان سيكتب بمثل هذا الأسلوب!

يكفي أن تقرأ جملة أو جملتين لأي شخصية من الشخصيات الثلاثة لتدرك أنها مجرد شخصيات كرتونية فارغة لا تمتلك أيّة سمات واضحة ولن تستطيع التفاعل معهم كأشخاص واقعيين. شخصيات مثالية بدرجة مبالغ فيها.

أكثر ما أزعجني وجعلني أشدّ على أسناني من الغيظ هو كثرة الاقتباسات البلهاء في الكتاب. غير معقول هذا الكمّ الهائل من الاقتباسات الغير مناسبة أصلاً في مواضعها! الساعة مكتوب عليها اقتباس، القميص الذي يرتديه الملياردير مكتوب على ظهره اقتباس، الصندوق الذي يحوي نماذج العمل والمخططات هناك اقتباس محفور عليه! حتى زجاجة المياه يا رجل لم تسلم من هذه الأمواج العاتية من الاقتباسات!

تحاملتُ على نفسي مع كل جملة وكل فقرة أقرأها وتعلّمتُ الصبر خلال قراءتي لهذا الكتاب، إلى أن تخطّيتُ منتصفه وبدأت بعض البشائر تظهر. قاعدة 20/20/20 والنظام الخاص بها. قد تكون هذه هي الحسنة الوحيدة في هذا الكتاب. والتي كان بمقدور الكاتب روبن شارما توضيح هذه القاعدة في مقال ما أو في فيديو على يوتيوب لا يتعدّى 15 دقيقة بدل أن يقرر وضعها في كتاب مكوّن من 300 صفحة من الحشو والتكرار والسخف!

الكتب الأكثر مبيعاً أحياناً تكون خادعة.. نادي الخامسة صباحاً كمثال
بالضبط كان هذا حالي أثناء القراءة.

وكأن رداءة الأسلوب لم تكن كافية

أمر آخر ساهم في إفساد تجربتي مع هذا الكتاب ألا وهي الترجمة، سيئة بنفس درجة سوء أسلوب الكاتب نفسه. وكأنها مؤامرة حِيكَت ببراعة لتعكير مزاجي. ما إن بدأتُ بالقراءة حتى اكتشفتُ مدى فظاعة الترجمة والأسلوب معاً، رجعتُ لافتتاحية الكتاب لأعرف اسم المترجم لم أجد أية أسماء مذكورة. لم أجد سوى أن الترجمة تمّت بواسطة مكتبة جرير. وخيراً فعلوا صراحة لأن هذا المترجم إن عرفتُ اسمه فبالتأكيد لن أفكّر في شراء أو قراءة كتاب بترجمته أبداً.

هل أدعو إلى عدم قراءة الكتاب؟

بكل تأكيد لا، فربما هي مجرد تجربتي الشخصية فقط وربما يستفيد منه من يقرأه ويكتشف أن الكتاب قيّم جداً بالنسبة له. وليس معنى كلامي أنني لن أقرأ أية كتب للكاتب روبن شارما وأنني سأضعه في القائمة السوداء، لا إطلاقاً.. أنوي أن أقرأ له على سبيل المثال كتاب دليل العظمة. أتفهّم تماماً أن الكاتب ربما لم يوفّق في كتاب نادي الخامسة صباحاً، لكن هذا لا يمنع حقيقة أن لديه أفكاراً تستحق القراءة والاطلاع عليها.

لكن ما أنصح به هو ألا تعقد آمالاً كبيرة وألا تنتظر من هذا الكتاب أن يفيدك بقدر كبير كالذي تطمح إليه. أقترحُ عليك بدلاً من قراءته أن تبحث عن مقالات تلخّص لك مضمون الكتاب فقط حتى لا تضيّع وقتك وهي كثيرة لو بحثت بجملة (The 5 am club summary/tips/advices).

أما إن كنتَ تنوي قراءته بعد كل ما قصصته عليك فعلى الأقل تخطّى النصف الأول من الكتاب لأنه فعلياً مجرد هراء وسخافات قد لا يتحمّلها البعض وستضيّع وقتك إلا في حالة أنك تريد معاقبة نفسك وتأديبها ففي هذه الحالة اقرأ كل صفحة وكل سطر في الكتاب!


اكتشاف المزيد من مدونة هشام فرج

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

7 رأي حول “الكتب الأكثر مبيعاً أحياناً تكون خادعة.. نادي الخامسة صباحاً كمثال

  1. “كتاباتك قد تنقذ حياة إنسان” رغم اختلاف السياق، لكن تنطبق ذات الفكرة على تدوينتك هذه؛ إذ انتويت قراءة الكتاب إلى أن قرأت مراجعتك هذه.
    أنقذت حياتي يا رجل!

    1. إن. لم يكن لديك وقت ولا مزاج فخُذها مني: لا تقرأه، ستجد تلخيصات كثيرة لمضمونه المفيد فقط. في خلال 15 دقيقة فقط ستعرف الأساليب المفيدة التي ذُكرت في كتاب 300 صفحة كان سيتطلب منك بضعة أيام لإنهاءه (وبضعة شتائم أيضاً). 😅

  2. اتفق معك في كل كلمة كتبتها!
    الكتاب قرأته باللغة الانجليزية و اثار غضبي مثلما اثار غضبك بالضبط!
    بإمكان شارما ان يلخص كل هذا الكتاب في مطوية صغيرة و ليس في كتاب من ٣٠٠ صفحة
    و لا افهم كيف اصبح الأكثر مبيعاً أيضاً
    شكرا لأن مقالتك عبرت عن مشاعري.

    1. أحدهم أخبرني أنني متحامل بعض الشيء على الكتاب والكتاب وأنني لا بد أن أقرأه بلغته الأصلية، حاولت إقناعه أن لا فرق، فالمشكلة الأساسية في الأسلوب قبل الترجمة.
      شكراً على تعليقكِ. 🙏

  3. وصلت للصفحة 37 وفعلاً هذا ما شعرت به رغم أن لي فترة طويلة لم أقرأ كتب ولكني لاحظت الترجمه الركيكه والاقتباسات التي لامعنى لها ولم أندمج نهائياً مع الشخصيات إلى أن بحثت في قوقل تلخيص الكتاب ووجدت مقالتك هذي😅 ( صراحه انقهرت اني اشتريته ) حلم حياتي أنظم نومي خصوصاً مع العمل والأطفال 😂 وهذا ما أدى بس لشراء هذا الكتاب

اترك رداً