مساء الخير..
أستكمل معكم اليوم ما بدأته في تدوينة الأمس من مراجعة وتقييم للعام وأجيب على السؤال الثالث والأخير: ما الذي تعلمته خلال عام 2021؟
ما الذي تعلمته خلال هذا العام؟
كثيرة هي المواقف التي عشتها هذا العام، منها بعض المواقف والتجارب الجديدة ومنها أحداث ومواقف تركت في نفسي أثر كبير وخرجت منها بدروس وعبر أستفيد منها في المستقبل، جمعت بعض مما تعلمته خلال هذا العام:
1- ضرورة التوازن بين العمل والحياة الشخصية
في مواقف كثيرة كدت أن أحترق وظيفياً وأقسو على نفسي بكثرة المهام والأعمال المطلوبة مني بلا راحة. أدركت هذا الخطأ الفادح حينما فشلت في الاستمرار على هذا النهج بكامل تركيزي ونشاطي لفترة طويلة. يجب تخصيص أوقات للراحة والابتعاد فيها عن العمل وتخصيص هذه الأوقات للاسترخاء والتشافي واستعادة الطاقة والنشاط مرة أخرى. هذه الأوقات مهمة بقدر أهمية أوقات العمل.
2- من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له
كان للدعاء تأثير السحر على حياتي، ظللت ألحّ على الله في الدعاء أن يرزقني بوظيفة أو عمل والحمد لله استجاب لدعائي وحصلت على وظيفة. وظللت أدعوه مرة أخرى في سجودي وركوعي وجميع صلواتي أن يرزقني المال اللازم لشراء لاب توب جديد والحمد لله استجاب لدعائي بينما كنت آخذ بالأسباب وأفعل ما بوسعي. الدعاء مع الأخذ بالأسباب قوة هائلة.
3- لا شيء يذهب سدى
قد تفعل بعض الأمور التي تراها ليست مفيدة ولا تجني منها شيئاً في الوقت الراهن، بعد فترة تدرك أنه نتيجة هذه الأمور الروتينية المجانية حصلت على أمور أخرى كنت تحلم بها وتتمنى حدوثها.
هذا ما حدث معي في المدونة حيث كنت أنشر تدوينات بانتظام وكانت تكلفني الكثير من الوقت والجهد دون مقابل حقيقي إذ لم يكن هناك مشاهدات كثيرة للمدونة ولا إعجابات ولا أي شيء وشعرت أنني أكتب لنفسي ولا أحد يقرأ وكنت سآخذ قراراً بالتوقف عن التدوين لكني قررت الاستمرار والتدوين على أي حال لنفسي أولاً ولأن الأمر يشعرني براحة حينما أدون وأكتب.
اكتشفت بعد فترة قصيرة أن هذا الفعل المجاني الذي لم أكن أرى أية فائدة منه هو ما قادني إلى شيء آخر أكثر لم أكن أحلم به وهو الحصول على وظيفة وأكثر من فرصة للعمل من خلال أشخاص قرأوا بعض ما أكتب وأعجبهم وتواصلوا معي.
4- لن تعرف إلا بعدما تجرّب
لن تعرف قدراتك ومهاراتك ومدى ما يمكنك فعله إلا بعدما تضع نفسك موضع التجريب وتنفتح على التجارب الجديدة بدلاً من أن ترفضها. أنجزت هذا العام عدة أعمال مستقلة لم أكن أعلم أنني أستطيع إنجازها إلا بعدما قررت خوض التجربة والموافقة بدل الرفض.
في السابق كان الحل الأمثل بالنسبة لي هو أن أرفض أي تجربة جديدة ومختلفة لم أقم بها من قبل وكنت أقول لنفسي هذا أسلم من أن أقبل وأفشل. كان لديّ خوف من الفشل. أما الآن أصبحت أجرّب نفسي واختبار قدراتي في تجارب غير مريحة حتى أكتشف مواطن قوتي فأستزيد منها ومواطن ضعفي فأعالجها.
5- ابحث عن فعلٍ له تأثير الدومينو في حياتك
يوجد فعل جوهري في حياتك إن أنت اكتشفته وفعلته فما بعده أيسر، بمعنى أن في حياتك شيء واحد فقط لو حدث سيجرّ بعده قائمة من الأشياء الأخرى التي تتمنى حدوثها. قد يكون هذا الشيء نشاط، عادة، شخص، أسلوب… إلخ.
على سبيل المثال في حالتي بعد مواقف عديدة وتجارب كثيرة اكتشفت أن هذا الفعل الجوهري الذي له تأثير الدومينو هو: الاستيقاظ مبكراً.
في كل مرة كنت أحقق فيها هذا النشاط أجد حياتي أفضل ويسير يومي بطريقة سلسة مريحة. ولذلك لو تتذكّر في السؤال الثاني أنني كتبت أن هذه هي أكثر عادة حزنت على الإخفاق فيها وأسعى لاكتسابها في العام القادم.
مبكراً بالنسبة لي كان عبارة عن الساعة 7 أو 8 مثلاً إلا أنني مؤخراً غيّرت معنى مبكراً ليُصبح بعد الفجر مباشرة كما أمرنا رسولنا الكريم. قضاء ساعة أو ساعتين بعد صلاة الفجر أنجز فيهما أهم الأعمال التي تحتاج إلى تركيز وأترك بقية اليوم لتلك المهام الخفيفة وبذلك أغتنم يومي وأجد وقتاً فائضاً لعيش حياتي بشكل أفضل.
لذا أنصحك عزيزي القارئ بالاستمرار في تجربة الكثير من الأنشطة ولا تملّ من البحث عن ذلك الشيء الذي سيغيّر حياتك إلى الأفضل.
6- الاعتذار عن استكمال شيء أفضل من الاستمرار فيه بمستوى سيء
عندما تسوء الأمور يا صديقي لا تحاول أن تسبح ضد التيار وتحاول إصلاحها بالقوة غير المحسوبة. بل يجب أن تتقبّل الواقع وتحترم القدر. حينما أدركتُ بعد عدة محاولات أنني لن أستطيع الاستمرار في هذا العمل تقبّلت الواقع وفضّلت الاعتذار عن استكمال العمل بدلاً من المكابرة والاستمرار بأداء سيء وبدون تركيز.
7- احترم وقتك وقدّر قيمته
من الأشياء التي أدركتُ قيمتها هذا العام الوقت، لن تنجح ما دمت لا تحترم وقتك وتتركه في متاحاً للجميع. لا تخجل من أن تقول لا إذا كان وقتك لا يسمح. دع الناس يفسّرونها كما يشاؤون. سيضعون كل التفسيرات والظنون السيئة ويرفضون التفسير الوحيد الصحيح: أنك شخص يحترم وقته أثمن مورد لديه ويجدر بنا نحن أن نفعل مثله!
في الحقيقة أنا لم أتعلّم هذا الدرس بعد، لكن على أمل أن أتحلّى بالشجاعة الكافية لأحترم وقتي وأحرص على حمايته من الأشياء والأشخاص.
8-قدّم المساعدة دون انتظار مقابل
هناك سحر فعلاً في تقديم المساعدة لشخص محتاج. ليس محتاجاً للمال ولا للطعام ولا لكل تلك الأشياء المادية فقط. وإنما أيضاً شخص محتاج لكلمة مشجّعة في وقت صعب يمرّ به. شخص يحتاج لأن يطمئن ويريد يداً تطبطب على كتفه تخفف عنه حدة القلق الذي يعتريه.
المساعدة أشكالها كثيرة، إن استطعت أن تقدّم أي نوع منها فافعل دون تردد، دون التفكير في حسابات أو احتمالات.
9- تعلّم فن الإدارة المالية
واحد من الدروس التي أسعى لتطبيقها في العام الجديد، كيف نتعامل مع المال وكيف ندّخر بعضاً منه لمواجهة الأزمات المحتملة. يجب على كل فرد أن يتعلّم الإدارة المالية الشخصية.
10- ليست نهاية العالم
تعرّضت هذا العام للعديد من المواقف التي كان عليّ فيها أن أواجه مخاوفي أو أتخذ قراراً غير مريح. مواقف كنت أعيشها للمرة الأولى وكانت تتطلب ثباتاً انفعالياً وهدوء أعصاب حتى أستطيع اجتيازها بنجاح دون تخريب شيء. اكتشفت أنني أصاب بالقلق بمجرد اقتراب مواعيد هذه المواقف وأظل أفكر كثيراً في سيناريوهات ما سيحدث وأتوقع الأسوأ وأنني سأفسد كل شيء نتيجة عدم خبرتي أو توتري.
أكتب لك الآن يا صديقي بينما مرّت كل هذه المواقف بسلام ولم يحدث أي سيناريو من تلك السيناريوهات السيئة التي رسمتها في مخيلتي وظللت أقلق بشأنها وأستهلك قواي العقلية في التفكير بخصوصها. بعدما تكررت تلك المواقف معي أدركتُ أن قلقي لم يكن مبرراً.
وأنني بحاجة لإقناع نفسي أنها ليست نهاية العالم، مجرد موقف عليّ أن أتحلّى فيه بالهدوء والتركيز جيداً ثم سينتهي ويمرّ كغيره من المواقف العصيبة التي ظننتها يوماً لن تمرّ.
11- تفريغ الذهن من خلال الكتابة
في كثير من الأوقات والفترات كنت أشعر بعقلي يغلي ويدور في دوامة لا نهاية لها. أشياء كثيرة تتصارع داخل عقلي ولا أستطيع السيطرة عليها ولا ترتيبها بشكل منظّم بل فوضى عارمة. لم أجد فعلاً نجح في إنهاء هذه الفوضى سوى الكتابة، وكأنني أجذب تلك الأشياء في عقلي من ياقتها وأرمي بها بكل قوتي على الورق. وأشعر بعدها بعقلي قد استراح وتخفّف من تلك الأحمال الثقيلة التي كانت تشتته.
لذا عندما تشعر بأن عقلك يدور ويغلي من الداخل فاهرع إلى الكتابة.
وبذلك أصدقائي أكون قد وُفقت في أن أشارك معكم مراجعتي وتقييمي لعام 2021 آمل أنكم استفدتم منها وأكون سعيداً لو شاركتم معي مراجعتكم كذلك للعام وخططكم للعام الجديد.
كانت هذه التدوينة التاسعة والثلاثون (قبل الأخيرة) ضمن تحدي رديف، ألقاكم غداً في ختام هذا التحدي الرائع. سلام.
اكتشاف المزيد من مدونة هشام فرج
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
نصائح جيدة أخ هشام، خصوصاً الاعتذار عن العمل الذي لا تجد أنك تقوم به بأفضل وجه وتتركه لغيرك وتترك لنفسك العمل الذي تستطيع اﻹبداع فيه
شكراً أبو إياس على تعليقك. وبالفعل كلامك صحيح.
نصائح مفيدة بحق شكرا لك .
الدعاء لي معه وقفات وقفات … يستجاب لك لو بعد حين . فسل تعطى .
شكراً تغريد على تعليقك.. نعم الدعاء له مفعول السحر.. والله كريم يجب أن يستجيب لعبده إذا دعاه وعامله باليقين
نصائح قيمة، أشكرك سوف اعمل بها إنشاء الله… خاصة النصيحة رقم 4و7و 8