فوائد التدوين والتوثيق: أن تعيش حياتك مرتين

احم احم.. هل من أحدٍ هنا؟ 👀

مساء الخير متابعي المدونة الكرام، لا أعلم متى سأتوقف عن الاعتذار لكم بسبب ابتعادي عن نشر تدوينات جديدة! لكن مش بإيدي.. للتدوين عندي معزّة خاصة الحقيقة ولذلك أعود إليه كلما شعرت بالحنين للكتابة.

رغم أن مجال عملي حالياً له علاقة بالكتابة والترجمة إلا أنني لديّ وجهة نظر مفادها أن الكتابة والتدوين ليسا نفس المصطلح والمعنى. في اعتقادي أن الكتابة مفهوم عام يشمل جميع أنواع الكتابة وأغلبها الكتابة التي تأخذ عليها مقابل مادي كأن تكتب مقالات لموقع ما مقابل أجر مادي. أو أن تعمل في مجال الكتابة على مواقع الخدمات المصغّرة والعمل الحر.

أما التدوين فهو شيئ مختلف.. لا تؤجر عليه مادياً ولا تنتظر أن تظهر تدوينتك في الصفحة الأولى في محركات البحث. التدوين له خصوصيته، حينما أقول: أنا الآن أدوّن فأنا أفضفض وأفرّغ ما يدور في رأسي من أفكار وتساؤلات وعبثيات لا منطق أو معنى لها أو قد يكون. المهم أنها كتابة حرّة لا تتقيّد بأيّ من قيود (الكتابة) بمفهومها العام.

لذلك دائماً ما أعود أدراجي بين الحين والآخر هنا إلى حيث أنتمي، إلى التدوين. ولا أستطيع التخلّي عن ذلك لأنني أحب أن أكتب. حتى مع ابتعادي عن النشر في المدونة فهذا لا يعني أنني لم أكن أدوّن. بالعكس، أنا أدوّن في يومياتي الخاصة وأكتب كل يوم تقريباً لكنه تدوين شخصي لا يمكنني إتاحته على الملأ. تدوين أشبه بمحاسبة النفس وتعريتها وكشف عيوبها وبواطنها حتى أتعظ وأصلح ما يمكن إصلاحه.

طيب.. خير يا عم، عود حميد.. ما الذي ذكّرك بنا وبالمدونة؟ بعبارة أوضح: إيه اللي حدفك علينا الساعادي؟

الجواب: رجل يُدعى بلال فضل

الكاتب الجميل بلال فضل مؤخراً افتتح قناته على يوتيوب وبدأ يتناول بعض المواضيع والتجارب التي عاشها في حياته من خلال أسلوب حكي ممتع وشيّق على الرغم أن أغلب الحلقات تتعدّى الساعة كاملة. منحه الله موهبة الحكي والاسترسال في الحديث الماتع وربط المواضيع ببعضها بخفة لسان تجنّب المستمع الوقوع في الملل.

أنصحكم بمتابعته على يوتيوب ومشاهدة حلقاته السابقة والجديدة، ولا بأس باستغلال ميزة تسريع الفيديو فأنا أفعل ذلك دائماً وأصبحت عادة عندي وأراها ميزة رائعة توفر لي الكثير من الوقت.

ما يهمني أن أشير إليه الآن سلسلة حلقاته التي يتحدث فيها عن (يوميات الصعلكة/الكحرتة).. سلسلة من 7 حلقات يحكي فيها ذكريات شبابه في أواخر التسعينات وبداية الألفية. قد ترى الأمر شيء عادي أن تتحدث شخصية مشهورة في عالم الكتابة عن فترة من فترات حياتها في الماضي، ما المميز في ذلك؟ المميز هو أن الذي يحكي: بلال فضل. ستندهش لو شاهدت هذه السلسلة من كمّ المواقف والأحداث التي يرويها، وكمّ الشخصيات المشهورة التي تعامل معها وجاء ذكرهم في الحلقات. لا تشعر إطلاقاً أن هذا الرجل لم يصل بعد إلى سنّ الخمسين. ما زال في الأربعينات متّعه الله بالصحة والعافية.

من أين له بكل هذه المواقف والذكريات؟ الجواب: التوثيق وفي رواية: التدوين.

لا أدري عن إحساسه وشعوره وهو يقرأ يوميات مرّ عليها أكثر من 20 عاماً ومع أناس أكثرهم الآن في عالم البرزخ لديهم حيوات أخرى لا يعلمها إلا الله. شيء عجيب ومدهش يستحق التأمل. إذا كنت أنا كمشاهد ومستمع لهذه الحكايات أشعر أنها تحدث الآن وأتخيّل الفنان الراحل أحمد زكي يصرخ غاضباً في وجه بلال فضل ويعاتبه. فما بالكم ببلال نفسه؟ كيف مرّت عليه هذه الذكريات والمواقف الآن؟

هذا التأمل حفّزني ليس فقط على العودة للتدوين هنا في مدونتي، بل على تغيير طريقتي في التدوين الشخصي. لأنني كنت أدوّن في يومياتي على طريقة (إثبات الحضور). لم أكن أقضي وقتاً في محاولة التعبير بعمق عن مشاعري وأفكاري بل كانت كتابة سريعة وغير مترابطة وبالعامية الركيكة.

لكن بعد أن شاهدت كيف كان بلال فضل يكتب يومياته ويضيف إليها جانب عميق وساخر طوال الوقت أحسست أنني أريد أن أفعل مثله، لا أكتفي بتسجيل الأحداث والسلام بل أسترسل في الحديث وأغوص في دواخلي لأعبّر بدقة عن المشاعر والأفكار التي أعايشها يومياً. حتى إذا ما رجعتُ إليها بعد عمر طويل أجد فيها ذكريات حقيقية مسجّلة بكامل تفاصيلها أشعر أنها كأنما حدثت بالأمس!

الشاهد: عليكم بالتدوين وتوثيق حياتكم وأفكاركم وتفنّنوا في كيفية إصباغها بأسلوبكم الخاص، بصبغة مميزة بدلاً من أن تسجّلوها كحياة لا روح فيها.

وبس.. أشكركم على حسن (واستمرار) المتابعة بالرغم من توقفي عن النشر. لكنني عازمٌ – بدون مقاطعة – على الرجوع للتدوين المستمر هنا إلى أن تزهقوا منّي، دعواتكم. 🤷‍♂️

سلام..


اكتشاف المزيد من مدونة هشام فرج

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

4 رأي حول “فوائد التدوين والتوثيق: أن تعيش حياتك مرتين

  1. >> وتفنّنوا في كيفية أصباغها بأسلوبكم الخاص، بصبغة مميزة بدلاً من أن تسجّلوها كحياة لا روح فيها.
    هذه نصيحة جيدة جداً وخاتمة مفيدة لهذه التدوينة

  2. يا عم مالك يا عم
    إنت فين يا عم

    تدوينة زي الفل واستفدت منها واستلهمت الكثير

    ربي يسعدك وعودا حميدا

اترك رداً