تعمل على مشروع ما بكل نشاط وتركيز وفجأة تُصاب بالملل ويطالبك عقلك بالتوقف والبحث عن أية أنشطة أخرى مسلية تزيد من مستوى الدوبامين فلا تستطيع أن ترفض طلبه وتقع في فخ الكسل والتسويف. هل هذا الأمر يحدث لك عزيزي القارئ؟ كثيراً؟ أهلاً بك. لستَ وحدك.
عجيب أمر هذا الكسل كيف يهاجمنا ويضرب عقولنا بدون مقدمات أو مؤشرات، الوقوع فيه سهل لكن الخروج منه من أصعب ما يكون. تقول لنفسك لا بأس، سأجرّب حِيَل وأساليب من شأنها القضاء على الكسل، تجرّب وتجرّب لكن دون جدوى وتنتهي بالإحباط ثم الاستسلام طوعاً أو كراهية للغرق في هذه الدوامة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
أنا أشبهك عزيزي القارئ، لم أترك أسلوباً ولا حيلة تدّعي أنها تقضي على الكسل إلا وجرّبتها. بعضها كان جيداً لكن مفعوله لم يستمر لفترة طويلة، والبعض الآخر زاد الطين بلّة. لكن مؤخراً تكشّفت لي بعض الدُرر والجواهر باعتماد أسلوب حقّق نتائج مبهرة في القضاء على الكسل، والمثير للدهشة مدى شهرة هذا الأسلوب وأكاد أجزم أنك طبّقته وجرّبته من قبل. أسلوب أرى أن سر فعاليته هو بساطته، دائماً ما تستهويني البساطة ودائماً ما أردد لنفسي وللآخرين: البساطة تكسب.
وربما نجحتَ الآن في تخمينه، نعم إنه أسلوب وتقنية البومودورو (Pomodoro technique). هل أصابك الإحباط؟ هل كنتَ تتوقع أسلوباً لم تكن تعرفه مُسبقاً؟ حل سحري ربما؟ لا عزيزي القارئ. هذا هو الأسلوب الذي لم يفشل ولا مرة في إنقاذي من براثن الكسل والتسويف.
ما هي تقنية البومودورو؟
تقنية البومودورو تعتمد على مبدأ غاية في البساطة، 25 دقيقة تركيز وعمل تليها 5 دقائق راحة. بديهيات أليس كذلك؟ لكن السر هنا هو كيفية تطبيقك لهذا المبدأ، كثير من الناس يلزمون أنفسهم بتطبيق المبدأ بحذافيره دون تعديل أو تغيير وكأنّه كلام مُقدس مُحرّم علينا تحريفه. أتمنى أنك لستَ منهم عزيزي القارئ.
ما هكذا تُورد الإبل، أن تعرف فكرة ما ليس ذكاءاً منك ولا مهارة، الذكاء الحقيقي هو أن تعرف كيف تستفيد من هذه الفكرة وتغيّر فيها وتعدّل كما تريد حتى تصل للطريقة التي تناسبك. عملية تطويع للفكرة.
دعونا نطبق ذلك بشكل عملي
أنت الآن بتَّ تعرف المبدأ الذي تستند عليه تقنية البومودورو وقررت أن تطبقها في حياتك لتتخلص من الكسل:
في أول مرة وجدتَ أن مدة 25 دقيقة غير كافية وتنتهي بسرعة دون أن تنجز العمل المطلوب. ماذا ستفعل؟ هل ستتوقف وتحكم على الأسلوب بالفشل في القضاء على الكسل وتنحني لتلتقط هاتفك بضمير مرتاح لأنك (عملت اللي عليك)؟ أم ستبدأ بالتفكير في تعديل المبدأ ليناسب ظروفك. كأن تزيد من المدة وتجعلها 35 دقيقة مثلاً وتبدأ في التجربة وإن لم تنجح فَزِد المدة مرة أخرى ثم جرب وهكذا إلى أن تصل للمدة المناسبة لك للتوقف عندها.
كذلك هذه المدة قد تتغير مرة أخرى تبعاً لطبيعة كل عمل، فهناك أعمال يناسبها 25 دقيقة وأخرى يمكن إنجازها في 15 دقيقة وثالثة تحتاج إلى 60 دقيقة كاملة لإنجازها. كما ترى أنت حر تماماً. معك المبدأ إذن انطلق وطبقه كيفما ينسجم مع متطلباتك ويتفق مع احتياجاتك.
الحديث أيضاً عن فترة الراحة، 5 دقائق؟ هل تمازحني؟ ما الذي أستطيع أن أفعله في 5 دقائق كراحة؟ ستنتهي بمجرد ذهابي إلى المطبخ لإعداد كوب من القهوة. بسيطة يا عزيزي، هل هناك ما يمنع أن تجعلها 10 دقائق؟ 15 دقيقة؟ هل إذا فعلتَ ذلك سينطلق جرس الإنذار معلناً اختراقك للقواعد وخروجك عن القانون وسرعان ما ستأتي الشرطة برفقة مخترع البومودورو للقبض على هذا المجرم الذي ارتكب فعلاً شنيعاً يستوجب العقاب؟ بالطبع لا شيء من هذا سيحدث، لك مطلق الحرية في تطويع المبدأ – أي مبدأ – بالكيفية التي تناسبك.
كلمة أخيرة
في المرة القادمة التي تقرر فيها تجربة تقنية البومودورو أطلب منك أن تنظر إليها بمنظور مختلف. منظور يعتمد على البساطة والمرونة، خذ المبدأ أو الفكرة فقط وضع القواعد والشروط التي تحقق لك الاستفادة القصوى من هذه الفكرة.
🎯 هل سمعت عن نشرتي البريدية نشرة 5/3/2؟ 🤔
إذاً حان الوقت لتعرف عنها أكثر، تصفح الأعداد السابقة وإن أعجبتك فأدعوك للاشتراك في النشرة. 🙏
اكتشاف المزيد من مدونة هشام فرج
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
حقـيقة أود تجربة هذه الـتقنيـة فـ كما تكرمت وذكرت أنه لا يوجد أحد إلا وسـمع عن هذه التقنيـة، لكـن حياتي تعج بالعشـوائية وعدم الإنضـباط، حتي أني كنت قد قمت بتحمـيل تطبيق عن هذه التقنيـة منـذ أسبوع وإلا الأن لم أجربه ولا حتي ألقيت نظـرة عليه، ويمكن أن أعمل لمدة 3 ساعات بتركيز تارة وتشـتت تارة أخري ولا ينقـذني من براثـن هذا الروتين القاتل إلا موعد الصلاة، فـ أذهب حينها لأصلي فـ أشعر بالراحة ثم أعود لأنغـمس مجـدداً فـي روتيني الممل، ربمـا علي تجربة هذه التقنيـة يومـاً مـا.
تـدوينة موفقـة كالعادة أستاذ هشام.
العزيز هشام،
لا يمكنك تخيّل كيف أنقذت تدوينتك حياتي!
جزاك الله الفردوس الأعلى.
الله على دعواتك يا طارق. اللهم آمين نحن وإياك. 🙏🤲